حظيت برؤية كرنفال التكريم الأول

أهداني الخال العزيز المرضي "أبو أحمد" نسختين من قرص مدمج كتب عليهما عكد (1) وعكد (2)، وأنا أعرف محتوى هذين النسختين، وقد كنت أنازع الأشواق وأنظر إليهما في شوق ولهفة كبيرين، وأقول ليس من سمع كمن رأي... وبالجد لقد توقف الزمن عندي وأنا أكحل عيني بمقدمة الحفل وأنا أتفحص الحضور، الحاجة والطفل داك وحتى صخب الأطفال والعيد يوزع التهاني المسائية، وتكاد تشتم رائحة الأزهار هي أيضاً كانت بين الحضور، وترى أيضاً كبار رجالات العكد الهيبة ونسائها الحارات، الأساتذة الأجلاء الذين أفنوا زهرة شبابهم وعلمونا ليس حروفاً وإنما قبل العلم أخلاقا، ومجرد ما أن وقعت عيني على الأستاذ الفاضل تميم الدار ذرفت دمعة لأصالة هذا الرجل الذي لم يفن شبابه فحسب بل عمره كله وهو مازال يحمل راية التعليم فقد كان خلوقاً حتى في العقاب، ثم سمعت الاستاذ محمد قنديل رحمة فهو قامة بحد ذاته ولقد كنا من المحظوظين الذين تعلموا على يديه، فقد كانت حصة الجغرافيا تلك المادة الرتيبة أشبه بفيلم تستمتع معه في الدرس وتحفظه عن ظهر قلب، وكان صاحب كلمة مشهورة في الثناء "جدع" عندما يجيب طالب عن أي سؤال سأله، ثم الأستاذ الموسيقار أحمد الريح وما أدراك ما حصة العلوم وأيضاً كانت له مفردة شهيرة ولكن يبدو أن الذاكرة شاخت من فعائل الدهر، ثم الاستاذ الجميل صاحب الدعابة والحس الفكاهي العالي الاستاذ عوض الكريم إبراهيم "استاذ الشيخ" هو الذي عملنا إجادة مادة الجبر والحساب وما أن يخطأ له طالب إلا وقال كلمته المشهورة "جاتك داهية"، ولا أنسى ما أنسى الأستاذ عبد الحي حسين عوض الله، هو الذي حببنا في مادة التاريخ بترتيبه وحسن تقديمه للمادة فكان يعرف أن قدرة الطالب لا تتحمل النصوص النظرية الكثيرة فكان يلخص المادة في نقاط هامة، وكنا نخرج من الدرس بعد أن أحطنا بكل المعلومات المهمة، والاستاذ الفاضل ميرف تعلمنا منه الكثير أيضاً.

ثم ندلف إلى المرحلة المتوسطة وما أدراك ما استاذ البشرى ميرف فقد كان هذا الرجل مؤسسة كاملة، فلن أوف هذا الرجل حقه فقد أعطاني كل شيء وقبل كل شيء الثقة بالنفس والجد في العمل والدرس، ثم الأستاذ عبد العظيم سعيد فقد كان صارماً ومتمكن من مادته، وأيضاً الاستاذ إبراهيم الخير فقد نهلنا من لدنه قواعد النحو والإعراب وقد كان يبتسم حتى عندما يصدر عليك حكم بالعقاب، هناك بعض الأستاذة لم أحظ بنهل العلم منهم مثل مجذوب النصير والصادق عبد الله وكنا نعلم أنهم يعملون في مدارس عطبرة ولكن أيضاً كنا نجلهم ونقدرهم رجعت بي الذاكرة إلى بواكير الصبا وإلى تلك الاحتفالات التي كانت تقيمها المدرسة عيد التعليم واليوم المسرحي، وتلك الليالي الجميلة التي كان يقيمها نادي العكد في العيد فلقد كان العيد أعياد ووجدت الكثير من الملامح في الأطفال الذين أثروا هذا الحفل بإبداعاتهم، وقد أعجبتني جرأة الكثير منهم، فقد كانوا أفضل منا عندما كنا في سنهم، وأكيد هناك الكثير من المبدعين الذين تواروا خجلاً ولكنهم سوف يخرجون من عباءة هذا الخجل ويعتلون المسرح يقدمون الشعر والغناء والمديح والشكر كل الشكر للجنة التكريم التي سهرت لإخراج هذا الحفل في هذا الثوب القشيب.